الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

علاج مرض سرطان الدم

تتسابق كبرى شركات الدواء في إطلاق ما يمكن أن يصبح أكثر العلاجات فاعلية لمرض سرطان الدم – اللوكيميا - وأنواع سرطان الدم الأخرى، والمعضلة التي تواجه تلك الشركات هو كيف تجعل هذا العلاج متاحاً على نطاق واسع، وأن تكون تكلفته متناسبة مع ما يحققه من فائدة.
يعرف العلاج الجديد باسم خلايا (كار تي) ويقوم على استخراج خلايا تي أو "التائية" من الجهاز المناعي للمريض، وإدخال تعديل عليها لشحذ قدرتها على رصد وقتل الخلايا السرطانية، ثم حقنها في المريض مرة أخرى. وفي مرحلة مبكرة من التجارب الإكلينيكية تمكن العلاج من القضاء على أي أثر للوكيميا والليمفوما فيما تراوح بين 40 و90%من المرضى الذين لم يكن أمامهم أي خيارات أخرى.
ويتوقع خبراء الصناعة أن يصل علاج خلايا كار تي إلى الأسواق عام 2017، وأن يصل ثمنه إلى 450 ألف دولار، إذا جاءت النتائج جيدة في تجارب أوسع نطاقاً. هذه التكلفة هي لعلاج يؤخذ مرة واحدة وبعدها تختفي آثار السرطان ولا يحتاج المريض إلى العلاج مرة أخرى.

إنجاز عظيم


يقول الدكتور جيمس فيريرا، رئيس قسم أبحاث سرطان الدم بمستشفى ماونت سيناي في نيويورك: "علاجات خلايا كار تي واحدة من أعظم ما تحقق من تقدم في علاج السرطان منذ عشرات السنين". ويعتقد أنها يمكن أن تصبح من العلاجات الأساسية التي تقدم في إطار الرعاية الصحية لنحو 10 آلاف مريض أميركي استنفدوا كل خيارات العلاج الأخرى المتاحة.
وأضاف فيريرا: "مع مرضى لم يستجيبوا لأكثر العلاجات التي لدينا فعالية، ومنها زرع النخاع الشوكي، اختفت اللوكيميا تماماً فيما يبدو".
لكن عملية الإنتاج تستغرق أسبوعين بالنسبة لكل مريض، وهو ما يشكل تحدياً يتمثل في توفير علاجات فردية بحتة لعدد كبير من المرضى.
وتتوقع "وول ستريت" أن تسعى شركة "نوفارتيس" للمستحضرات الدوائية - التي تتخذ من سويسرا مقراً لها، وتملك بالفعل مصنعاً في نيوجيرسي لإنتاج الخلايا التائية لتجاربها الاكلينيكية - لاستصدار تصريح لأول علاج بخلايا كار تي العام القادم، وأن تسبق بذلك الشركات المنافسة بأشهر.
وقال عثمان عزام، رئيس قسم علاجات الخلايا والعلاج الجيني في نوفارتيس: "واثقون من قدرتنا على الوصول إلى علاج آلاف المرضى سنوياً بمنشأة عالمية حقاً".
وأضاف عزام أن هذا سيكون كافياً لتغطية الطلب التجاري لبضع سنوات بعد الموافقة الرسمية على العلاج، وأنه يمكن بناء مصنع ثانٍ إذا كانت هناك حاجة لذلك. وذكر أن العلاج الذي توفره شركته اسمه سي.تي.ال.019.
وتعتزم "نوفارتيس" أن تطلب العام المقبل من الجهات المختصة الموافقة على استخدام سي.تي.ال019 لعلاج اللوكيميا الليمفاوية (ايه.ال.ال)، وهو سرطان ينجم عن انتشار خارج نطاق السيطرة لخلايا دم بيضاء غير مكتملة النمو، وهو مرض يؤدي إلى الوفاة خلال عام من اكتشافه.
ويشخص نحو 6000 أميركي بالمرض سنوياً 60% منهم أقل من 20 عاماً.

مسار آخر


هناك توجه آخر لم يثبت نجاحه بعد هو استخدام خلايا جهاز مناعي لمتبرعين أصحاء وإدخال التعديلات اللازمة عليها لتفيد عدداً كبيراً من مرضى السرطان.
ويقول خبراء علم الأورام إنه نظرياً يمكن لمتبرع واحد ان يوفر العلاج لما يصل الى 4000 مريض. لكن لكي تنجح وتصبح آمنة يجب استخدام الهندسة الوراثية لتعديلها لضمان أن يقبلها جسم المريض، وإلا يمكن أن يفجر هذا رد فعل من جانب النظام المناعي ضد الغزاة القادمين من الخارج، وهو ما ينطوي على مخاطر محتملة مميتة.
وتعتبر شركات دواء كثيرة هذا المسار ضرباً من المحال. لكن نوفارتيس وشركة سيليكتيس التي تتخذ من فرنسا مقراً لها بالتعاون مع فايزر، تعمل على هذا الخيار، وتأمل أن يكون أسرع وأرخص. ويمكن لخلايا كار تي التي أنتجتها تلك الشركات أن تجمد وتشحن إلى مناطق أخرى من العالم للاستخدام الفوري تقريباً.
ويقول أندرى تشوليكا، المدير التنفيذي لسيليكتيس، إن المنطق يقول إن خلايا المتبرعين الأصحاء ستكون أقوى من الخلايا التائية لمرضى تعرضوا لشحنات من العلاج الكيماوي والإشعاعي.